هو ليس بمصمّم أو صانع للساعات إلا أنه عمل في هذه الصناعة لأكثر من 20 عامًا بصفته “ممثّل العلامة التجارية”؛ فضلاً عن أنه يعد شخصاً شغوفاً إلى حد الهوس بجمع الساعات الفاخرة.
وقع عمر شاوي، رجل الأعمال المغربي والمقيم في دبي، في حب صناعة الساعات الميكانيكية عندما حصل على أول وظيفة له في عالم الساعات الفاخرة عام 2003، فأضحى حلمه منذ ذلك الحين تقديم رسالة استدامة حديثة. كانت البداية عندما قرر أن يجمع بين شغفيه في شكل علامة تجارية جديدة للساعات، والتي أطلق عليها اسم ماغانا Magana.
دعونا نتعرف على مؤسس علامة ماغانا Magana للساعات، عمر شاوي، من خلال هذا اللقاء الخاص مع WatchPro Arabic.
البداية
عمر شاوي ليس بمصمّم للساعات. هلاّ أخبرتنا بالقصة خلف ماغانا Magana؟
لقد أمضيت كل حياتي المهنية في عالم الساعات الفاخرة، حيث عملت لدى علامات تجارية مختلفة مثل Harry Winston و Roger Dubuis على سبيل المثال لا الحصر. دخلت عالم الساعات في عام 2003، حيث تم إرسالي في ذلك الوقت إلى جنيف لدورة تدريبية.. حينها تمكنت من الحصول على دورة ما وراء كواليس صناعة الساعات، فوقعت في حبها وأضحى حلمي أن أطلق علامتي الخاصة من الساعات يوماً ما.
في يوليو 2021، وبينما كنت أسير في شوارع باريس، حاول شخص ما سرقة ساعتي ونزعها من معصمي. إلا أنني انطلقت هارباً فوقعت أرضاً واصطدم رأسي بدراجة مارّة. وعندما وقفت لاستعادة صوابي، مرّت في خاطري فكرة “ما هو الإرث الذي كنت سأتركه لأطفالي لو كنت قد متّ خلال الحادث؟”. ولحسن حظي، أنني وبعض بضعة أيام، تعرفت أثناء تواجدي في منزل أحد أصدقائي على مقاول متخصص في صناعة الساعات فطرحت عليه فكرة تطوير وتصنيع الساعات لعلامات تجارية مستقلة وكان ردّه بالإيجابي. كان ذلك يوم 29 يوليو 2021، وهو يوم ميلاد ماغانا Magana.
ما كان مصدر إلهامك الأساسي عندما أطلقت العلامة؟
الإلهام هو شيء خارج عن سيطرة المرء. رغبتي كانت مصدر إلهامي الأول، حيث كنت أتمنى لو أجد ساعة أستمتع بامتلاكها وارتدائها. ساعة بسعر وتكلفة معقولين، مثالية التعقيدات الميكانيكية، فضلاً عن أنها مصنّعة بشكل جيد، وذات تصميم مميز.
كما وأردت أن تعبر هذه العلامة التجارية عن قيمي وهويتي.. فأنا مغربي فخور يستمد القوة من ثقافته. أنا عربي ومسلم فخور أيضاً، وبما أنني عشت في دبي منذ العام 1999، فقد تعرفت على العديد من الثقافات مما جعلي رجل منفتح. إن القيم التي ربتني عليها عائلتي وتلك التي اكتسبتها طوال حياتي تنضوي على عناصر معينة أشعر بكل تواضع أنها تستحق المشاركة. ولذا، أردت أن تمثل ماغانا Magana تجربة أكبر من مجرد منتج.. وبعد الكثير من التفكير، تمكنت من التركيز على العنصرين اللذين يمثلان العمود الفقري الفلسفي للعلامة.
العنصر الأول هو الرسالة، ففي حين أن جميع صانعي الساعات يستندون على الحرفية أو الدقة أو التراث، أدركت أنه لا أحد يتحدث حقًا عن قيمة الوقت. فلسفتنا هي أن الوقت هو العملة الأكثر قيمة التي يجب أن يتاجر بها جميع البشر. فالطريقة الوحيدة لتحقيق أقصى استفادة من الوقت المتاح لنا هي قضاءه مع الأشخاص الذين نحبهم، وخلق تجارب لا تُنتسى.
أما العنصر الثاني يتعلق بالقيم التي أريد أن ترتكز عليها العلامة التجارية. فبعد أن أمضيت نصف حياتي في هذا البلد الرائع (الإمارات العربية المتحدة)، أدركت أن ما يجعل دبي مميزة للغاية هو حقيقة أنها تعتمد على هذه العناصر الثلاثة: الثقافة والانفتاح، العمل الجماعي من أجل أمة واحدة، وأخيراً الإدراك الذهني.
عادةً ما يطلق صانعو الساعات أسماءهم على علاماتهم الخاصة. لماذا اخترت اسم ماغانا Magana؟
كنت بصدد البحث عن اسم له معنى، يمكن نطقه بشكل صحيح بغض النظر عن اللغة الأم. كما وكنت أبحث عن اسم قصير يمكن تذكره بسهولة.. فجاء اسم ماغانا Magana الذي يعني “ساعة” في لهجتي المغربية “الداريجة”.
مجموعة ساعات ماغانا Magana
أطلقت أوّل ساعة لعلامة ماغانا في شهر أبريل الماضي، وأسميتها “تحية تقدري ل فاس”Tribute to Fes. أخبرنا عنها أكثر؟
أنا أسبح في سماء عالم الساعات منذ عقدين من الزمن. لقد كنت محظوظًا بالعثور على مصمم شاب في باريس كان قادرًا على ترجمة رؤيتي وأمنياتي إلى رسم أضحى أساس ساعتنا الأولى. يعود الإلهام في تصميم الساعة إلى القيم الثلاث التي تحدثت عنها سابقاً، أولها “الثقافة”. وقد قررت أن أجعل المجموعة الأولى تحية تقدير لمدن عمرها آلاف السنين.. فهناك مدن قديمة حول العالم لا تزال تحتوي على مناطق توقف فيها الزمن. إذا كنت تتجول مثلاً في المدينة القديمة لمسقط رأسي فاس بالمغرب (والتي حملت ساعة ماغانا الأولى اسمها) فسوف ترى وتسمع وتشم وتتذوق نفس الأشياء التي كان أسلافنا يختبرونها منذ ألف عام. وهكذا جاء الوحي.
سوف ترى انعكاس لما تتميز به فاس في تصميم الساعة سواء من خلال التشطيب الذي يرمز إلى الجدران الخارجية المحيطة بها، أو من خلال إطار الساعة الذي يمثل الجدران الواقية خلال العصور الوسطى من هذه المدينة. أما بوابات مدينة فاس فقمنا بتصميمها عند الساعة 12 و6 على حواف الساعة. هذه بعض العناصر التي استمدّيناها مباشرة من الإلهام.
ما الذي يجعل من هذه الساعة قطعة مميزة؟
إلى جانب التصميم المميز، قمنا بدمج بعض العناصر التي تبرز في الساعة، والتغليف، والعلامة التجارية الشاملة. العنصر الأول هو أن مجموعة Magana Tribute تمنح مرتديها تجربة كاملة للوقت. لقد تمكنا من الحصول على الحركة الأوتوماتيكية اليابانية Miyota 9122 الموثوقة للغاية والتي توفر وظيفة تقويم كاملة. كما وقررنا أن نجعل الساعة تبدو أكثر رياضية مع تكوين قرص أقرب إلى الكرونوغراف والتي تعد أكثر أنواع الساعات مبيعاً وطلباً، مع أن الأفراد قلّما يستخدمون وظائفها. العنصر الرئيسي الآخر الذي يجعلنا متميزين هو أننا أول علامة تجارية على الإطلاق (على حد علمي) تحمل راية الاستدامة. فقد تعهدنا بأن نقوم – مقابل بيع كل ساعة من ساعات Magana – بتمويل زراعة 212 شجرة في أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى؛ وقد اخترنا الرقم 212 لأنه رمز الاتصال الدولي لدولة المغرب.
وإننا نقوم بذلك من خلال منظمة غير حكومية رائعة تسمى ” Trees for the future” والتي تطمح إلى زراعة مليار شجرة للمساعدة في مكافحة التصحر والمجاعة وتغير المناخ.
ماغانا Magana ساعة مصممة للجنسين. هل هناك من شخصية أو فئة عمرية محددة كنت تفكر فيها أثناء تصميمها؟
ماغانا هي للأشخاص من جميع الأجناس والأعمار الذين يؤمنون بالاستهلاك وبمسؤولية ووعي. الذين يعيشون في المناطق الحضارية ويؤمنون بالاستدامة. وأعتقد أن الأشخاص ذوي الشغف الكبير بالسفر واكتشاف أماكن وثقافات جديدة سيفهمون مباشرةً ما نحاول تحقيقه كعلامة تجارية.
ماغانا: علامة تجارية من دبي
تم إطلاق علامة ماغانا Magana من دبي. لماذا اخترت هذه المدينة؟
لقد كانت دبي وما زلت موطني منذ الـ 24 عامًا. هي المكان الذي بنيت فيه حياتي العائلية ومسيرتي المهنية وعملي ودائرتي الاجتماعية. لقد ولد أطفالي هنا، وأنا محظوظ لأنني تمكنت من تربيتهم في مثل هذه الإمارة الرائعة والملهمة حيث يشعرون بالأمان ويحصلون على أفضل ما يقدمه العالم من حيث التعليم، والبيئة والثقافة والفرص. إن دبي هي المكان المثالي لإطلاق ماغانا Magana منه.
نصائح ومشاريع مستقبلية
ما هي النصائح التي تقدمها لعشاق صناعة الساعات الذين يحلمون بإطلاق علاماتهم التجارية الخاصة بهم؟
قال شخص حكيم ذات مرة: “إذا كنت تفعل ما تحب، فلن تعمل يومًا واحدًا في حياتك”. إذا كان شغفك يكمن في صناعة الساعات ولديك ما يكفي منها لإبقائك في مواجهة كل الصعاب، فما عليك سوى القيام بذلك. لقد ولدت في السبعينيات ونشأت في الثمانينيات والتسعينيات في المغرب، وأنحدر من طبقة اجتماعية متوسطة الحال، ولم أكن أعتقد مطلقًا أنه بإمكاني أن أبني علامتي الخاصة من الساعات. ومع ذلك فأنا هنا اليوم. ولا يسعني إلا أن أكون ممتنًا لعائلتي على القيم التي غرستها في داخلي، ولزوجتي لدعمها لي بشكل رائع، ولأطفالي لاعتقادهم أن والدهم هو سوبرمان، ولمرشدي في الصناعة لفتح الأبواب لي وللجميع.
هل هناك أي مشاريع مستقبلية تود مشاركتنا إياها؟
سوف أطلق تصميمن جديدين من ساعات ماغانا Magana خلال العام 2023 حيث سيتم الإعلان عنهما قريبًا. والخبر السار هو أنهما سيكونان متاحين للتسليم الفوري. نحن نعمل الآن على مجموعة تصاميم 2024 حيث سنشيد هذه المرة بالقيمة الأساسية الثانية للعلامة التجارية، وهي : العمل الجماعي.
الفكرة هي أنه في هذا العالم الحديث، بغض النظر عن المكان الذي نعيش فيه، لدينا جميعًا أصدقاء و/أو أراد عائلة يعيشون في منطقة زمنية مختلفة. وعلى الرغم من أننا لا نستطيع رؤيتهم كثيرًا، إلا أننا عندما نخصص وقتًا للاطمئنان عنهم عبر الهاتف أو الواتساب أو البريد الإلكتروني أو الزيارة، فإننا بالتأكيد نستمتع بهذا الوقت الذي نقضيه معهم. وتبقى الحقيقة أنهم في جزء مختلف من العالم. لذا، فكرتنا هي صنع ساعة بتوقيت غرينتش (حتى تتمكن من تتبع المنطقة الزمنية لأصدقائك/عائلتك) والتي ستشيد بالأشخاص الذين اجتمعوا معًا طوال حياتك لمساعدتك في أن تصبح الشخص الذي أنت عليه. سنبدأ بأصدقاء الطفولة، قبل أن ننتقل إلى الأقارب؛ من ثم سنشيد بأساتذة المدرسة، الأشخاص الذين عرفوا كيف يجعلوننا متحمسين لمختلف المواضيع والذين دفعونا للمواصلة. وأخيرًا، فإن التصميم النهائي لعام 2024 سيشيد بالوالدين. هذان الشخصان اللذان لولاهما لما كنا هنا.
مع المأساة الكبيرة التي أصابت وطنك المغرب مؤخراً بعد الزلزال المدمر، كيف عمدت علامة ماغانا Magana إلى تقديم المساعدة والدعم من دبي؟
إنها بالفعل مصيبة كبيرة ومأساة لا يمكننا الهروب منها. على المستوى الشخصي، اصطحبت أطفالي لشراء عدد من الخيام الكبيرة، وأكياس نوم، وبطانيات، وأدوات طبخ سهلة الاستخدام في التخييم. وقد قمنا بتسليمها لجمعية الهلال الأحمر الإماراتي، التي لديها الوسائل اللوجستية لإيصال هذه المواد إلى المحتاجين.
كمواطن مغربي، أود المساهمة بكل طريقة ممكنة، وأن أظهر لأطفالي أهمية التواجد هناك لمساعدة المحتاجين. في الوقت الحالي، يريد الجميع المساعدة ولكن لسوء الحظ سوف يتضاءل مستوى الدعم تدريجياً. ومن الجدير ذكره، أننا في ماغانا Magana ملتزمون بالتبرع لصناديق الإغاثة في المغرب حتى نهاية العام الحالي، وعندها سنعيد تقييم مستوى الاحتياجات ونرى كيف يمكننا المساهمة بشكل أكبر. لن نسعى هذا العام لتحقيق الربحية حيث أنه مع بيع كل ساعة من ساعات ماغانا Magana سيتم التبرع بنسبة معينة لمساعدة الشعب المغربي.
